التعامل مع هيمنة الاجتماعات

كيف تتعامل مع شخص يحاول الهيمنة على اجتماع العمل؟

تُعد الاجتماعات في بيئة العمل من أهم الوسائل التي تساهم في اتخاذ القرارات، تبادل الأفكار، ورفع كفاءة الفريق. ومع ذلك، قد يشهد بعض الاجتماعات حالات غير مريحة تتعلق بمحاولة بعض الأفراد الهيمنة على النقاشات، مما قد يؤدي إلى خلق توتر بين الحاضرين وإعاقة سير العمل بشكل إيجابي. قد تكون الهيمنة في الاجتماعات أحد التحديات التي تواجهها الفرق المهنية، إذ يمكن أن تؤثر سلبًا على تبادل الأفكار والقرارات الجماعية. لذا، يعد معرفة كيفية التعامل مع شخص يحاول الهيمنة على الاجتماع من المهارات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها أي موظف أو قائد فريق.

1. فهم دافع الهيمنة

قبل أن تبدأ في التعامل مع شخص يحاول الهيمنة على الاجتماع، من الضروري فهم الأسباب وراء تصرفه هذا. هناك العديد من الدوافع التي قد تجعل الشخص يهيمن على الحوار، مثل:

• الرغبة في إثبات الذات: قد يشعر الشخص الذي يحاول الهيمنة بأنه يحتاج إلى إثبات قيمته داخل الفريق، مما يجعله يبالغ في التعبير عن رأيه.

• قلة الثقة بالنفس: بعض الأشخاص يحاولون الهيمنة على الاجتماعات للتغطية على شعورهم بعدم الثقة في أنفسهم، وبالتالي يسعون للتحكم بالمحادثة لتفادي شعور العجز.

• شخصية السيطرة: قد يكون لدى الشخص ميول إلى السيطرة على الآخرين، سواء في العمل أو الحياة الشخصية، وهذا ينعكس بشكل كبير في الاجتماعات.

• القلق بشأن النتائج: قد يسعى الشخص إلى الهيمنة خوفًا من العواقب المحتملة لعدم تمكنه من التأثير على نتائج الاجتماع.

من خلال فهم دوافع الشخص، يصبح من الأسهل تحديد الاستراتيجية المناسبة للتعامل معه.

2. الاحتفاظ بالهدوء والتحكم في الأعصاب

من أهم الخطوات التي يجب أن يتبعها أي شخص في هذه المواقف هو الحفاظ على هدوء الأعصاب. عندما يلاحظ الشخص أن أحدهم يحاول الهيمنة على الاجتماع، يمكن أن يشعر البعض بالإحباط أو الغضب. ومع ذلك، من المهم للغاية أن يتحلى الفرد بالتروي ويعمل على ضبط انفعالاته. التصرف بعصبية أو تسرع قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة ويمنح الشخص المسيطر فرصة لزيادة هيمنته.

3. التدخل بلطف ولكن بحسم

قد يكون التدخل أثناء الاجتماع لتوجيه النقاش أمرًا مهمًا عندما يحاول شخص الهيمنة. ولكن يجب أن يكون التدخل بشكل لطيف وحاسم. من الأفضل أن يتم ذلك دون إهانة أو التقليل من شأن الشخص الذي يهيمن. يمكن أن يكون التدخل على النحو التالي:

• استخدام تعبيرات مثل “دعنا نسمع رأي الآخرين” أو “هل يمكننا أن نتوقف قليلاً ونستمع إلى ما يقوله الآخرون؟”

• تقديم ملاحظات تشجع الجميع على المشاركة، مثل: “لننتقل إلى رأي الشخص الآخر، فنحن بحاجة إلى رؤى متعددة”.

يجب أن يكون التدخل بمثابة دعوة لفتح المجال لجميع الأفراد للمشاركة، وليس محاولة إسكات الشخص الذي يهيمن.

4. إعادة توجيه النقاش إلى الأهداف المشتركة

من المهم في كل اجتماع أن يتم توجيه النقاش نحو تحقيق أهداف الاجتماع. عندما يلاحظ الشخص أن أحدهم يحاول الهيمنة، يمكن لمقدم الاجتماع أو الأفراد الحاضرين توجيه الحديث إلى الأهداف النهائية. هذا يساعد في إعادة التركيز إلى الأمور المهمة ويمنع الانزلاق في محادثات لا تؤدي إلى نتائج.

• يمكن أن يستخدم القائد أو أحد الأعضاء عبارة مثل: “لنعد إلى النقطة التي كنا نناقشها سابقًا، حيث نحتاج إلى الوصول إلى قرار حول…” مما يساعد في استعادة التوازن في النقاش.

5. تقسيم الوقت بين المشاركين

قد يكون من المفيد وضع قاعدة زمنية لكل فرد ليتحدث بها في الاجتماعات. تقسيم الوقت بشكل عادل يضمن أن الجميع يحصل على فرصة للمشاركة. يُمكن للقائد أو المشرف في الاجتماع أن يتخذ خطوة تنظيمية بإعلان وقت مخصص لكل شخص يتحدث، مثل “كل شخص لديه 3 دقائق لعرض رأيه”. هذا الأسلوب يعزز المشاركة الفعّالة ويقلل من إمكانية هيمنة شخص واحد على الاجتماع.

6. مراقبة لغة الجسد والتفاعل البصري

لغة الجسد تلعب دورًا كبيرًا في التحكم في ديناميكيات الاجتماعات. الشخص الذي يحاول الهيمنة غالبًا ما يستخدم لغة الجسد للسيطرة، مثل الإيماءات المبالغ فيها أو النظر مباشرة إلى المتحدثين الآخرين لفرض هيمنته. وللتعامل مع هذا، يمكن استخدام التفاعل البصري بشكل مدروس من أجل إظهار أن الجميع مُرحب بهم للمشاركة. الانتباه إلى لغة الجسد الخاصة بالفريق والتأكد من أن الجميع يشعرون بأنهم مسموعون يمكن أن يكون له تأثير قوي في الحد من الهيمنة.

7. إدارة التوتر وخلق بيئة تعاونية

يجب أن يُشجع في الاجتماعات بيئة تعاون فعّالة، حيث يتم الاستماع إلى الآراء المختلفة بروح من الانفتاح. عند ملاحظة محاولات الهيمنة من بعض الأفراد، يمكن تقليل التوتر عبر التأكيد على أهمية التنوع في الأفكار والمشاركة الفعّالة. دعم الفريق والتأكيد على أن كل رأي مهم يُعزز روح التعاون ويمنع أي شخص من فرض رأيه على الآخرين.

8. التعامل مع الشخص المهيمن بعد الاجتماع

إذا استمرت محاولات الهيمنة من الشخص نفسه أو ظهرت بشكل متكرر، قد يكون من المفيد إجراء محادثة خاصة مع الشخص بعد الاجتماع. من خلال الحديث مع هذا الشخص بشكل غير علني، يمكنك طرح ملاحظات بطريقة بنّاءة وتوضيح كيف يمكن تحسين تفاعل الجميع في المستقبل. يجب أن يكون الهدف من هذا الحوار هو مساعدة الشخص على فهم تأثير سلوكه على الفريق وتشجيعه على التفاعل بشكل أكثر توازناً في الاجتماعات القادمة.

9. تفعيل آليات التشجيع على المشاركة المتوازنة

في بعض الحالات، قد يكون الشخص المهيمن غير مدرك تمامًا لسلوكه، وقد يحتاج إلى توجيه بلطف. قد يكون من المفيد استخدام بعض الأدوات التي تشجع على التوازن في المشاركة، مثل استخدام أدوات التعاون الجماعي عبر الإنترنت مثل “مؤشرات التصويت” أو “مناقشات في المجموعات الصغيرة” التي تعزز مشاركة كل فرد.

10. توجيه الاجتماعات بشكل دقيق وواضح

توجيه الاجتماعات بطريقة واضحة يساهم في تقليل فرص الهيمنة على النقاش. يجب أن يكون لكل اجتماع هدف محدد وجدول أعمال واضح. بمجرد تحديد الموضوعات التي سيتم مناقشتها، يمكن تخصيص الوقت لكل بند على حدة، مما يحد من فرص الانحرافات أو المبالغة في الحديث عن نقطة معينة. بهذا الشكل، يتم الحفاظ على التركيز على الموضوعات المهمة دون السماح لأي شخص بالتحكم في اتجاه الاجتماع.

11. الاستفادة من المتابعة بعد الاجتماع

في بعض الأحيان، قد يكون من الأفضل التركيز على المتابعة بعد الاجتماع. إذا تمكّن الشخص من الهيمنة على النقاش، يمكن تقديم ملاحظات فردية بعد الاجتماع حول سلوكاته وكيف يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على الفريق. هذا النوع من المتابعة يساعد على التصحيح التدريجي للسلوكيات غير المرغوب فيها.

الخاتمة

التعامل مع شخص يحاول الهيمنة على اجتماع العمل يتطلب مزيجًا من الهدوء، الحسم، والمهارات الاجتماعية التي تهدف إلى تحقيق التوازن في المشاركة. من خلال تنفيذ استراتيجيات مدروسة مثل إعادة توجيه النقاش، تنظيم الوقت بشكل عادل، والتواصل الواضح مع الشخص بعد الاجتماع، يمكن منع الهيمنة في الاجتماعات وتحقيق نتائج أكثر توازنًا وإيجابية.